منظومة الطرقات: إنفاق ضخم ونتائج هزيلة

أعاد حادث انهيار التربة الذي وقع مساء الجمعة على مستوى طريق بن عكنون -زرالدة، التساؤلات بشأن حقيقة منظومة الطرقات في الجزائر بعد الأغلفة المالية الضخمة التي جرى إنفاقها منذ عام 2002.

يحتدم كثير من الجدل حول ما يكتنف قطاع الأشغال العمومية، خصوصا مع تكرّس سمة الاهتراء في طرقات استنزفت مليارات الدولارات، ولم يكن التغيير الحكومي الذي قضى بترحيل "عمار غول" من وزارة الأشغال العمومية، بعد مسيرة استمرت أحد عشر عاما وثلاثة أشهر و83 يوما، ليغيّر من وجهة الأشياء.

في هذا الشأن، يوجه الخبير "أحمد عوالي" انتقادات حادة لسيرورة ورش الأشغال العمومية، حيث يبرز كون "الإنفاق كبير والنتائج هزيلة"، ويستغرب رحيمي رصد مبالغ خيالية لما سُمي بـ (مشروع القرن) ويتعلق الأمر بـ"الطريق السيار شرق/غرب) الذي استفاد من غلاف ضخم إلاّ أنّه ظلّ يتخبط، علما أنّه كان من المفترض تجسيد المشروع بالكامل مطلع سنة 2009، إلاّ أنّ آجال إنجازه بقيت رهينة الارجاءات والفضائح، تماما مثل مشروعات أخرى أبرزها الطريق العابر للصحراء.

بدوره، يستهجن المسؤول السابق في وزارة الصناعة "عامر ولد سعد سعود" ترك طرقات كان مبرمجا إتمامها خلال الفترة السابقة، وجرى توسيع آجالها إلى خمس سنوات إضافية، على غرار طريق الهضاب العليا، وعددا من الطرقات الاجتنابية، إضافة إلى ازدواجية الطرق الوطنية شمال جنوب، ويدفع عامل الإرجاء الذي فرض نفسه كثابت في القطاع، بمحدثنا إلى الجزم بأنّ مشاريع إنجاز طرق سريعة بطول إجمالي يبلغ ألف كلم عبر المدن الساحلية وغيرها من المنشآت الفنية من أنفاق وجسور وموانئ، لن يتم تتويجها قريبا، وهي مرشحة لتأخر متجدد.

نقاط سوداء تكبح 6 مناطق

تتسبب النقاط السوداء في كبح جماح كثير من المدن، وفي مقام نموذجي تبرز حالة سكان ولاية عين الدفلى، حيث يحس المتجول في مناطق: زكار، مطماطة، بومدفع، جبل اللوح، بئر أولاد خليفة، تيفران، أّنّ هذه المداشر التي ظلت وكرا للدمويين في تسعينيات القرن الماضي، تدور خارج الزمن الجزائري، وباتت البلدات الست بحاجة إلى تنمية عاجلة تتجاوز المسكّنات.   

ويطالب سكان تلك المناطق الجبلية التابعة لولاية عين الدفلى، بربط الطرقات لإزالة ألوان من الفقر والعزلة والحرمان والتهميش، حيث يجمع القاطنون على حتمية توخي الجهات المعنية لخطة عمل تستجيب لمتطلبات سياسة التجديد الريفي وحماية وتنمية الفضاءات الجبلية، والنهوض بالأخيرة على المستويات البيئية والاجتماعية والاقتصادية.

وفي تصريحات خاصة بـ "إيكو ألجيريا"، أفاد زبير، الطيب، عدة وغيرهم على أنّ مناطقهم ازدادت تدهورا سيما مع حرائق الغابات، إضافة إلى الممارسات الفلاحية وسوء استعمال الموارد الطبيعية وغياب مخطط تهيئة للفضاءات الجبلية، ما يرهن مصير ست بلديات تستوعب ما لا يقلّ عن مائة ألف ساكن ظلوا يمنون أنفسهم بمشاريع تستحدث مناصب الشغل وتزيل عنهم الغبن المهيمن هناك، خصوصا مع تواجد آلاف الهكتارات المهددة بالانجراف وغياب أفق ينعش آمال الشباب.

ويبدي السكان استياءً حيال قدم الطرقات التي تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وتتمز بكثرة نتوءاتها وحفرها، وهو الأمر الذي حول حياتهم إلى جحيم حقيقي في ظل غياب أي حل يذكر على الرغم من أنهم وجهوا عدة نداءات للجهات المعنية.

ويشتكي السكان من سياسة التهميش المنتهجة من طرف مسؤوليهم فيما يخص تهيئة طرقات قراهم التي تعرف وضعا كارثيا لأنها لم تشهد ولا مرة عملية تزفيت وهو الأمر الذي يصعب عليهم الخروج من منازلهم كلما تساقطت الأمطار خاصة مع الوحل الذي حول المنطقة إلى نقطة سوداء كبرى.

تأخرات بوغزول

رغم الكلام الكثير الذي ظلّ المسؤولون يطلقونه بشأن تسريع مشروع مدينة بوغزول الجديدة (155 كلم جنوبي العاصمة)، إلاّ أنّ الأخير يتخبط منذ عقود، ومع تأخر إنجاز هذا المشروع العمراني الطموح، لم يتجسد حلم منطقة استيراتجية تتقاطع كطريق رابط بين شمال البلاد وجنوبها، كما تعدّ منفذا إلى شرق الجزائر وغربها.

وتمتاز بوغزول بموقعها الهائل على ضفاف ولاية المدية العاصمة التاريخية لـ "بايلك التيطري"، بمساحتها الشاسعة حيث تمتد على نحو 12 ألف هكتار، وإذا كان الرئيس الراحل "الهواري بومدين" بادر في سبعينيات القرن الماضي بالشروع في جعل بوغزول عاصمة بديلة، فإنّ المشروع ظلّ مجمّدا لسنوات طويلة، حتى وإن حاول مجمّع الخليفة المصفى بعث الفكرة في خريف العام 2002 من خلال استنساخ نموذج مدينة "برازيليا"، إلاّ أنّ إعلان المجمع المذكور إفلاسه في ربيع سنة 2003، أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، إلى غاية قيام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإعادة بعث المشروع الذي قدّرت قيمة إنجازه بحدود 650 مليون دولار، لكن لا شيئ استكمل إلى غاية الآن، وسط حديث مبتور عن تسليم الجزء الأول نهاية العام الحالي!

فالح نوار

Add new comment