قررت الحكومة التخلي التدريجي عن الدعم العام المقدم للجزائريين و الاعتماد بدلا عنه على "نظام تحويل نقدي" يتمثل في منح مبالغ مالية مباشرة للفقراء وذوي الدخل الضعيف لتحمل أعباء زيادات الأسعار المرتقبة جراء التخلي عن الدعم العام خلال السنوات القادمة.
كشفت مصادر حكومية لـ "إيكو ألجيريا" أن الظرف الاقتصادي والمالي الصعب أجبر الحكومة على التحضير لإقامة "نظام تحويل نقدي" يساعد ذوي الدخل الضعيف على تحمّل انعكاسات التخلي عن الدعم العام المقدم للجزائريين بمختلف الأشكال خاصة ذلك المتعلق بدعم الأسعار.
ويتمثل هذا النظام في تحديد الفئات المعنية ومنحها مبالغ مالية مباشرة، تقيها من آثار الزيادات في الأسعار. ويتعلق الأمر بإقامة العدل بين الفئات الاجتماعية عبر إعادة توزيع التحويلات الاجتماعية، وهي تحويلات منتظر أن يخصص لها السنة القادمة نحو 1630.8 مليار دينار أي قرابة 16 مليار دولار. وهي أموال ويستفيد منها كافة فئات المجتمع بمن فيهم الأغنياء الذين يحصلون على حصة أكبر خصوصا فيما يتعلق بدعم بعض السلع كالوقود.
ويأتي التخلي عن نظام الدعم العام في وقت تهدف الحكومة إلى ترشيد وعقلنة النفقات. فلا يمكن بلوغ هذا الهدف مع استمرار الدعم العام الذي يعتبر منتجاْ للتبذير. وكانت فكرة تحديد الفئات المعوزة والفقراء ومنحها الدعم دون غيرها محل توصيات قدمها الخبراء الاقتصاديون منذ سنوات لكن البحبوحة المالية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الـ 15 الماضية و تجنب الحكومات المتعاقبة تأجيج الوضع الاجتماعي حالا دون تجسيد هذه الفكرة.
ومع أن حكومة عبد المالك سلال قد وسعت آفاق تقديراتها في إعداد ميزانية الدولة من سنة واحدة إلى ثلاث السنوات، فإن الخبراء يعتبرون أن تطبيق نظام التحويل النقدي الجديد يحتاج إلى مدى لا يقل عن خمس سنوات. على اعتبار أن استبدال الدعم العام يحتاج أولا لتحديد الفئات المعوزة و هو أمر ممكن التحقيق على المدى المتوسط و ليس على المدى القريب و هذا مع رقمنة الحالة المدنية وربط البلديات بشبكة الإعلام الآلي ثم تعميم بطاقات الهوية الوطنية البيومترية ليليها تجريب العملية في ولايات نموذجية قبل تعيممها على باقي الولايات.
وقد سبقت عدة دول الجزائر في تطبيق هذا النظام ويتقدمها البرازيل. و تستخدم هذه الدولة الجنوب أمريكية في الوقت الراهن برمجيات تساعد على حصر الدعم وتوجيهه للفقراء والمحتاجين فقط . وحتى إن تم تسجيل هامش الخطأ في استعمالها فإنه قليل بالمقارنة مع التبذير الهائل الذي ينجر عن الدعم العام. وحسب ما أورده الخبراء فإن هذه البرمجيات التي تكلف بضعة ملايين من الدولارات عند اقتنائها ستمكن الجزائر من اقتصاد الملايير من الدولارات سنويا.
سليم لعجايلية
Add new comment