تبرز عدد من المشاهد و السيناريوهات في لقاء الجزائر لدول منظمة "أوبك" و الدول المنتجة خارجها الذي سيعقد في 28 سبتمبر 2016 ،على الرغم من عدم رسمية الاجتماع، إلا أنه يكتسي أهمية لكونه أهم تجمع للدول المنتجة و المصدرة للنفط هذه السنة ،و يبدو أن الجزائر كسبت الرهان بجمع كافة الفاعلين على طاولة واحدة حتى و ان بدت المواقف متباينة بين الدول.
و استقصت "إيكو ألجيريا" خبراء نفطيين حددوا عدد من المشاهد و السيناريوهات المطروحة بناء على تصريحات مسؤولي القطاع النفطي في الدول الفاعلة و المساعي التي قامت بها عدد من الدول منها الجزائر و فنزويلا .
السيناريو الأول: الاتفاق على تثبيت سقف الإنتاج بمعية دول "أوبك" و خارجها
هذا السيناريو يعني العودة إلى آلية الاتفاق في فيفري ثم التوقيع في أفريل بمعية قطر و فنزويلا بين روسيا و المملكة العربية السعودية في لقاء الدوحة ،و لكنه اصدم بتحفظ إيراني و عراقي بالخصوص ،حيث اعتبرت إيران بأنها كانت ضحية الحصار و أنه من حقها رفع مستوى إنتاجها و تدارك ذلك ما بين 700 ألف و مليون برميل يوميا،و نتيجة الجهود التي بذلتها الجزائر مع زيارات وزير الطاقة نور الدين بوطرفة و كذا فنزويلا طرأت تطورات في مواقف الدول كشفتها تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين حول القبول بمبدأ تثبيت الإنتاج و اللقاءات بين السعودية و ايران في فيينا في سبتمبر الجاري وإعلان الرياض استعدادها لإيجاد تسوية ،و قد تمحورت المساعي الجزائرية حول تقريب مواقف العراق و إيران و السعودية بالخصوص ،و هنا يمكن أن يتم تحديد شهر معين تكون فيه مستويات الإنتاج أعلى بالنسبة لإيران التي بلغت في جويلية و أوت مستويات أعلى بحوالي 600 إلى 700 ألف برميل يوميا مما يفي بالغرض ، و تدعم هذا الخيار بجملة من المواقف ،بداية بإعلان الرئيس فلاديمير بوتين في 2 سبتمبر 2016 أنه يأمل التوصل إلى اتفاق لتثبيت مستويات إنتاج النفط، و أن ذلك قد يتطلب التوافق على مستويات إنتاج إيران.و أن تثبيت الإنتاج هو "القرار الصائب" لأسواق الطاقة العالمية، وأنه ينبغي التوصل إلى حل وسط. كما أكد أنه لن يكون من الإنصاف أن نترك إيران عند هذا المستوى المرتبط بالعقوبات.
و في حالة تنفيذ اتفاق للتثبيت يمكن اعتماد مستوى جديد يناسب إيران ،مثل تحديد شهر جوان او سبتمبر ،حينما كسبت إيران كميات إضافية ،و لكن تثبيت الإنتاج سيصطدم بواقع تسجيل فائض في العرض ،حيث أشار وزير الطاقة نور الدين بوطرفة أن أوبك تنتج حاليا 4ر33 مليون برميل يوميا وهو مستوى عالي قد يعيد الاستقرار للسوق عام 2018 أو 2019، لكن الدول تبحث حاليا عن تقليص خسائرها من العائدات التي تتراوح ما بين 300 و500 مليون دولار يوميا لأعضاء أوبك،و تسجل حاليا فائض داخل و خارج أوبك بحوالي 3 مليون برميل يوميا .
السيناريو الثاني: تخفيض الإنتاج
نظرا لفائض العرض،فان سيناريو التخفيض أضحى مطروحا بحدة ،على خلفية اللقاءات التي تمت في سبتمبر بين العربية السعودية و إيران و تصريحات وزير الطاقة نور الدين بوطرفة ، فقد عرضت المملكة العربية السعودية تقليص إنتاجها من النفط إذا وافقت إيران على تثبيت إنتاجها هذه السنة دون تحديد الشهر، و هو ما يشكل حلا وسطا ،و أبدت الرياض استعدادا لخفض إنتاجها إلى أدنى مستوى هذا العام مقابل تثبيت إيران لإنتاجها عند المستوى الحالي البالغ 3.6 مليون برميل يوميا،علما أن مستوى إنتاج العربية السعودية بلغ 10.6 مليون برميل يوميا ،و بالتالي ، فان إمكانية تخفيض مستوى الإنتاج يبقى قائما، لاسيما وأن روسيا أيضا تنتج حوالي 10.5 إلى 10.6 مليون برميل يوميا ،و تمتلك الرياض و موسكو إمكانية تخفيض الإنتاج دون الإخلال بتوازن العرض ،وقد أشار بوطرفة اليوم أن المشاورات التي أجريناها مع السعودية وإيران وقطر وروسيا، أكدت أن هناك اتفاقا ضمنيا على مبدأ استقرار السوق لان فيه عدم توازن بين الطلب والعرض بسبب تخمة المعروض”. مضيفا أن "الحل الأمثل لإعادة الاستقرار إلى سوق النفط هو تثبيت الإنتاج عند مستوى معين وهو ما يعني تقليص الإنتاج آليا، وقد اقترحت العربية السعودية تقليص الإنتاج بحوالي 500 ألف برميل يوميا وهذا شيء مهم جدا قد يسهم في الوصول إلى الهدف المرجو ، وإيران أيضا تساند التوصل إلى اتفاق يخدم الجميع،و مادام الرياض لديها قدرات إضافية فانه يمكن أن تعمل على تحمل جزء كبير من الانخفاض،خاصة أنها أضافت خلال السداسي الأول من السنة كميات إضافية في السوق بأكثر من 400 ألف برميل يوميا
السيناريو الثالث: العودة إلى سقف الإنتاج
يبرز خيار التسقيف مجددا من خلال توجهات تبنتها المملكة السعودية بالخصوص في سعي منها لإحلال بعض الانضباط داخل منظمة أوبك خاصة بعد تسجيل تجاوز كبير في مستوى الإنتاج حيث أشار وزير الطاقة بأن أوبك تنتج 33.4 مليون برميل يوميا و هو مستوى يفوق السقف المحدد ب 30 مليون برميل يوميا و بعيد أيضا عن السقف الثاني المتفق عليه أي 31.5 مليون برميل يوميا ،يضاف إليه الإنتاج المتزايد لدول خارج أوبك و الإنتاج الأمريكي الصخري الذي بلغ 10.5 مليون برميل يوميا ،لكن هذا السيناريو تتحفظ عليه دول مثل فنزويلا و روسيا ،في وقت يناسب دول مثل ايران التي أعلنت نيتها بلوغ سقف 4 مليون برميل يوميا و العراق نفس الأمر ب 4.5 مليون برميل يوميا و لكن هذا الخيار يساهم في الرفع في المحصلة من مستويات العرض
السيناريو الرابع: تجميد الإنتاج المرن
أي الاتفاق على تثبيت الإنتاج و استثناء دول منها مثل إيران لغاية تحقيق مستوى محدد لا يمكن أن يتعداه، فإيران تقترب حاليا من مستوى 3.7 إلى 3.8 مليون برميل يوميا و بالتالي فإنها قريبة من هدفها و ليبيا تراجع مستوى إنتاجها إلى حوالي 300 ألف برميل يوميا بدلا من 1.6 إلى 1.7 مليون برميل يوميا ، و نفس الأمر بالنسبة لنيجيريا ،و يتضمن اتفاق التثبيت المرن وفق مقترح تقدمت به الجزائر ،الاتفاق داخل أوبك وفقا لحاجة الدول و الاتفاق بين دول المنظمة و خارجها خاصة بعد إعلان روسيا على مراعاة الطلب الإيراني.
السيناريو الخامس: الفشل في التوصل إلى اتفاق حول تثبيت الإنتاج أو تخفيضه
وهو مطروح بحدة أيضا خاصة مع توالي التصريحات بان اجتماع الجزائر يأخذ طابعا غير رسمي ،وقد سبق لوزير النفط الروسي نوفاك ، أن اجتماع الجزائر يجب أن يناقش اتجاهات سوق النفط العالمية والوضع العام فيها، بينما "مسألة تثبيت الإنتاج مسألة منفصلة تحتاج إلى مناقشة منفصلة، لأن الوضع اليوم مختلف نوعا ما عما كان عليه في فيفري 2016.
ب. حكيم
Add new comment