نحو إصدار قانون مالية تصحيحي

يحتاج الأثر المالي للإجراءات التي أصدرتها الحكومة في الأسابيع الماضية امتثالا لقرارات رئيس الجمهورية، إلى التأطير القانوني، ما يفتح الباب لإصدار قانون مالية تصحيحي لسنة 2025.

ويمثل إصدار القانون منذ بداية السنة "وجع رأس" بالنسبة للحكومة في وضع دولي متقلب أثّر على أسعار البترول في الأسواق العالمية. في الأشهر الأولى من السنة الجارية كان التفكير جادا لإصداره بدافع مؤشرات تراجع أسعار البترول في الأسواق العالمية إلى اقل من 70 دولار المتوقع في قانون مالية 2025 ومخاوف أن ينهار إلى أقل من 60 دولار المعتمد كسعر مرجعي لإعداد ميزانية السنة.

ولكن بعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية الأوكرانية والاعتداء على إيران، تغيّرت المعطيات بشكل إيجابي على اعتبار أن المؤشرات تفيد إلى احتمال كبير أن يتجاوز معدل سعر البترول عالميا إلى أكثر من 70 دولار للبرميل ما جعل أمر إصدار قانون مالية تكميلي محل تردد.

غير أن قرارات الحكومة الصادرة مؤخرا وعلى رأسها المرسوم المتعلق بتنظيم بما يعرف "تجارة الحقائب" ومنح ممارسيها صفة المقاول الذاتي المسقف رقم أعمالهم الشهري بـ 3.6 مليون دينار وفق المرسوم ذاته سيكون له عائدات إضافية غير مدرجة في قانون مالية سنة 2025، وهو أمر تطلب تأطيره قانونا في قانون مالية تكميلي يجري التشاور حوله.

ويرى الخبراء أن من أهم الأهداف المسطرة لإصدار هذه الإجراءات هي محاربة السوق الموازية التي تعد بؤرة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب الذي كان محل نقاش في مجلس الوزراء المنعقد الأحد الماضي.

 وفي نفس السياق يوصلا صندوق النقد الدولي إلى التقليص من عجز الميزانية العمومية عبر تخفيض النفقات من جهة زيادة في مداخيل الدولة عبر توسيع الوعاء الجبائي من جهة أخرى ما يوحي إلى أن الغاية هو التخفيف من الضغط الجبائي خصوصا ما يرتبط بالنشاطات الرسمية والقانونية التي تواجه منافسة شديدة لسلع مماثلة مروّجه في السوق الموازية ومرتبطة ارتباطا وثيقا بعمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

أكثر النشطات الصناعية والتجارية الواجب التعامل معها بحذر في هذه المسألة مرتبطة بالمنتجات التبغية. فترويج هذه المنتجات في السوق الموازية يدر بأموال طائلة مرتبطة عادة بظاهرتي تبييض الأموال وتمويل الإرهاب فوجب محاربة هذه السوق لقطع الطريق للظاهرتين.

ويرى الخبراء أن الزيادة في الرسوم والضرائب على النشاط القانوني والرسمي للمنتجات التبغية سيزيد من رقعة السوق الموازية المنافسة لها علما أن الضغط الجبائي المفروض على المنتجات التبغية القانونية بلغ 65 بالمائة وهي نسبة عالية تزيد من أسعارها بنفس المعدل تقريب بالمقارنة مع تلك المروجة في السوق السوداء. وتعد هذه المسألة بالغة الخطورة على مستوى صحة المواطن والاقتصاد الوطني وأمن البلاد حسب الخبراء ذاتهم.

Add new comment