قانون مالية 2017: فرض ضرائب جديدة على عقود مكاتب الدراسات والخبرة الأجنبية

تقترح الحكومة عبر مشروع التمهيدي لقانون مالية 2017 تأطير عمل مكاتب الدراسات والخبرة  الأجنبية،لاسيما تلك التي لا تمتلك مقرات ونشاط مباشر في الجزائر بفرض الرسم على القيمة المضافة على المبالغ التي تتحصل عليها هذه الشركات الأجنبية مقابل خدمات تقدمها في الجزائر. ويتراوح حجم هذه السوق ما بين 1.5 و3 مليار دولار سنويا، وهي عملة صعبة يتم تحويلها إلى الخارج.

ويتضمن الإجراء الجديد، فرض رسم على القيمة المضافة على المبالغ المالية التي يتم تحصيلها في اطار عقود الخدمات من قبل الشركات الأجنبية ،لا تمتلك هياكل دائمة في الجزائر، أي أنها ليس لديها مكاتب تمثيلية أو مقرات أو فروع. وسيخضع العقد وفق نفس الإجراء إلى اقتطاع من الأصل بنسبة 24 في المائة حينما تستفيد القيمة المحسوبة لهذه النسبة من تخفيضات.

وغالبا ما تلجأ الشركات العمومية والخاصة و الهيئات والوزارات  في الجزائر إلى مكاتب الخبرة والاستشارات والدراسات والمحاماة الدولية لإجراء دراسات أو لاعتمادها في حالات المنازعات. وفي حالات عديدة ، تقوم هذه الشركات بإيفاد فرق إلى الجزائر للإقامة مؤقتا مقابل مزايا عديدة وتسعيرة يومية للخبير الأجنبي.

وكانت سوناطراك قد بدأت منذ 2011 اللجوء إلى مكاتب خبرة محلية للتقليل من الاستعانة  بالمكاتب الدولية،موازاة مع قرار الحكومة في 2010 اعتماد  تدابير ترمي إلى تقليص اللجوء إلى مكاتب الاستشارة والخبرة الدولية والعمل مع المكاتب الخاضعة للقانون الجزائري أو المكاتب الجزائرية.

ويأتي الإجراء في سياق عام يهدف إلى تقليص فاتورة استيراد الخدمات وتقليص التحويلات المالية إلى الخارج وتكملةً للتدابير التي اعتمدها بنك الجزائر سابقا و المتعلقة بتأطير وتحديد عمليات التحويل للعملة الصعبة في إطار تقديم الخدمات. وجاء التحرك الرسمي بعد التقارير الصادرة عن بنك الجزائر بالخصوص والتي أفادت أن إجمالي الواردات الجزائرية في مجال الخدمات قدرت ب9 مليار دولار عام 2015 و نحو 10 مليار دولار في 2014 و بلغت سنة 2009 ما يعادل 7 ,11 مليار دولار، مقابل 08 ,11 مليار دولار عام 2008

ويساهم الارتفاع الكبير لواردات الخدمات في تسجيل اختلال في ميزان المدفوعات الجزائري. وهو العامل الذي دفع السلطات العمومية الى التفكير في آليات جديدة للحد من الارتفاع المنتظم والمتواصل لفاتورة الاستيراد. خاصة وأن السلطات تعي النقص المسجل في مجال الخبرة، وبالتالي الحاجة إلى اللجوء إلى مصاحبة المكاتب الدولية.

ومن بين التدابير المطبقة اللجوء والاعتماد على مكاتب الخبرة والدراسات الخاضعة للقانون الجزائري وإعطاء الأولوية للخبرة المجلية تدريجيا، بدلا من اللجوء آليا إلى استقدام الخبراء الدوليين الذين تبيّن لجوءهم إلى المناولة مع مكاتب جزائرية في مختلف الأعمال التي يقومون بها. وعليه، فإن اللجوء مباشرة إلى الخبرة المحلية سيقلّص نسبيا الحاجة إلى الاستعانة بالخبرة الدولية مباشرة.

وتشمل مختلف الأعمال التي تقوم بها المكاتب من مصاحبة وعمليات تدقيق حسابي ودراسات سوق وجدوى. وغالبا ما تقوم الفرق المتخصصة التي تسند إليها مهمة المصاحبة والدراسات بتعيين خبراء رئيسيين يشرفون على العملية، في حين يتم الاستعانة بالخبرة المحلية في جمع المعطيات التي تساعد في القيام بعمليات المصاحبة أو التدقيق الحسابي أو دراسات السوق والجدوى.ومن بين المؤشرات التي ستساهم في ضمان تقليص اللجوء مباشرة الى الخبرة الأجنبية، إقدام أهم مكاتب الخبرة والدراسات الدولية إلى فتح فروع لها بالجزائر تخضع للقانون الجزائري وتوظيف خبراء جزائريين وتكوينهم أيضا.

ومن المكاتب التي تعمل منذ سنوات بالجزائر عبر فروعها "كا. بي.أم. جي'' و''أرنست أند يونغ'' و''دولويت'' وأخيرا ''براي ووتر هاوس كوبر'' التي تعتبر أكبر أربع مكاتب دراسات وخبرة عالمية والتي فتحت جلها فروعا بالجزائر لمباشرة أعمالها.

وقد كان مجمع سوناطراك يستعين بالخبرة الدولية في عمليات التقييم والدراسات التي يقوم بها. كما كانت مختلف الوزارات تتعاقد مع ''أرسنت أند يونغ'' و''أندرسن'' قبل أن يختفي هذا الأخير عام 2002 إثر فضحية ''أنرون''، فضلا عن ''كوبر اند لايبرايد'' قبل أن تختفي، الذي كان يجري دراسات خاصة، من بينها تلك المتعلقة بتطوير الصناعة الجزائرية وإعادة هيكلة المؤسسات، فضلا عن اعتماد البنوك على هذه المكاتب الدولية لتطوير التسيير الداخلي وأنظمة المعلومات.

ب. حكيم

Add new comment